خلال محاضرة لجمعية العلوم الاقتصادية.. باحث: الانتقال إلى اقتصاد التضامن الاجتماعي خيار إستراتيجي

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية- هناء غانم:

عاودت جمعية العلوم الاقتصادية نشاطها بعد التحرير بمحاضرة للباحث ربيع نصر، مدير المركز السوري للبحوث والسياسات بعنوان «الاقتصاد السياسي لتجاوز النزاع في سوريا »، وضع من خلالها يده على الجرح، كما يقال، مؤكداً أن المرحلة التي تمر بها سوريا تتطلب الكثير من الحكمة والتريث في اتخاذ القرارات لبناء سوريتنا الجديدة.

مؤشرات خطرة
الباحث أكد على أهمية تجاوز اقتصاديات النزاع من خلال تعديل جذري للمؤسسات العامة وتقليص الاعتماد على الخارج من خلال الاستقلالية من ضغوط الدول الخارجية التي كانت جزء من النزاع، وصولاً إلى بداية جديدة تشاركية لإعادة الإعمار، موضحاً أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية ظهرت بعض القضايا التي تنبيء بمؤشرات لابد من تداركها.

البنية الهيكلية للاقتصاد السوري هشة ومليئة بالتناقضات التي خلفها النظام البائد 

وخلال الجلسة فند الباحث أفكاره من خلال ثلاثة محاور، حاول من خلالها إيصال رسالة مفادها أن طرح مفهوم اقتصاد السوق الحر التنافسي وانعكاساته الاجتماعية السلبية في المرحلة الحالية يعد أمراً طبيعياً في عملية التحول الاقتصادي، خاصة أن البنية الهيكلية للاقتصاد السوري هشة ومليئة بالتناقضات التي خلفها النظام البائد، من خلال تشويه آليات السوق وصولاً إلى فشلها، كذلك طرح السياسات الليبرالية والخصخصة أو حتى تحرير الدعم بطريقة انعكست على الوضع المعيشي للمواطن وعلى جزء كبير من القطاع الخاص، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية وعدم حدوث استقرار.

تجاوز اقتصاديات النزاع يتطلب تعديلاً جذرياً للمؤسسات العامة وتقليص الاعتماد على الخارج

هذه المخاطر تم تناولها ومناقشتها بحضور نخبة من الاقتصاديين والأكاديميين في الشأن الاقتصادي، مع الإشارة إلى أهمية دور الدولة، وكيف يمكن ضبط السوق وما هو دور المجتمع المدني في الاقتصاد مستقبلاً حتى يكون ذلك جزء من عملية التنمية المستدامة وليس فقط اقتصاد نزاع أو اقتصاد نخبه؟ مشيراً إلى أن التوجه نحو الخصخصة هو أمر مطروح لكن التفريط بالمنشآت العامة هو أمر غير صحيح، لأن هذه المنشآت هي ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها.. مع الإشارة إلى أن تشوه المؤسسات العامة هو جزء من اقتصاد النزاع.

مؤسسات القطاع العام هي الثروة القادرة على ضبط السوق والقوانين.. والتفريط بها غير صحيح 

تغير الإدارات ينقذ المؤسسات
وحاول الباحث التأكيد على أن الاستعجال في الموضوع يؤدي إلى أضرار كبيرة، وأن ذلك بحاجة إلى حوكمة وشفافية،  وأن التسرع باتجاه الخصخصة قد يؤدي إلى خسارة كبيره لسوريا. لافتاً إلى أن معظم المشكلات مرتبطة بإدارة هذه المؤسسات وهذا يتطلب بديلاً سريعاً لهذه الإدارات.

الاقتصاد التعاوني
وعرج الباحث على مفهوم الاقتصاد التعاوني ودوره في المرحلة الراهنة لتجاوز اختلالات إعادة توزيع الثروة غير العادل، وعدم المساواة وصولاً إلى إخفاقات السوق وعمليات التفريغ الممنهجة للاقتصاد الوطني. مؤكداً أن إعادة توزيع الثروة يعطي شكلاً جديداً للاقتصاد، مع الإشارة إلى أن «خرافة أن الحرية الاقتصادية تعادل الحرية السياسية هي مقولة غير صحيحة»، لأن السوق متاح للجميع، إذ للأسف وزن الشخص مرتبط بثروته في السوق وليس بالفرد وإمكانياته الشخصية.
كما ناقش الباحث قضية أساسية تتعلق بالاقتصاد السياسي وصولاً إلى مرحلة التحول التي نحن فيها الآن، مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة غير واضحة المعالم تحتمل العديد من الفرضيات وهناك العديد من القرارات والرؤى التي يجب أن نبني عليها التقييم الأولي للمرحلة من منظور تنموي واسع وليس من منظور اقتصادي ضيق من خلال ربط القضية السياسية بالاجتماعية.. وعدم تكرار استخدام السياسات السابقة والتي أثبتت فشلها. والانتقال إلى مرحلة التحول أي القرارات والتصورات التي يتم طرحها على كافة الأصعدة.

غياب رؤية اقتصادية واضحة
وفي تصريح لصحيفة الحرية حول رؤيته للاقتصاد السوري خلال المرحلة الراهنة قال نصر: «حالياً هناك عدم وضوح والمؤسسات ليس لديها رؤية اقتصادية واضحة، وهي بحاجة إلى تشارك أكثر وتفكير تنموي من خلال أن يكون دور الدولة تنموي وأن تستثمر بالإنسان، وهذا باعتقاده أهم من الربح خلال المرحلة الراهنة، لأنه بداية عودة الحياة إلى الاقتصاد، وأشار إلى أن التوجه يجب أن يكون إلى اقتصاد التضامن الاجتماعي من ضمنه يأتي اقتصاد السوق، ولكنه لا يكون بشكل طاغ على السياسة والمجتمع، إضافة إلى وجود دور اقتصادي للدولة والمجتمع المحلي والمدني الذي يقوم بدور اقتصادي غير ربحي أو تعاوني.

50 عاماً من الشعارات الكاذبة 
وهذا الطرح أثار الكثير من التساؤلات التي أجمع الحضور على أن الاقتصاد السوري كان في طور التهالك أساساً.. لأن النظام البائد ومنذ 50 سنة كان يختبئ وراء شعارات كاذبة “العلمانية والمواطنة ومكافحة الإرهاب والتطرف والمقاومة وغيرها.
وبحسب الأكاديمي زياد عربش فإن النهج اليوم ورغم جسامة التحديات والكثير من الأولويات البالغة الأهمية لا نجد فيه مساراً واضحاً يمكن أن تتراكم فيه خطوط النهوض التنموي.
الدكتور فادي عياش قال: إن الأداء الحكومي الحالي لا يتناسب تماماً مع حجم التحديات والمخاطر التي تمر بها سورية في المرحلة الراهنة، لذلك علينا إعداد رؤية وإستراتيجية ليست لحظية يتحقق من خلالها العنصر الأهم المرتبط بالأمن والاستقرار إضافة إلى مستوى المعيشة، واعتماد في السياسية الاقتصادية على الإنتاج والتصدير والتمويل.

Leave a Comment
آخر الأخبار