السوريون يستقبلون أول رمضان بعد التحرير وكلهم أمل بغدٍ أفضل   

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- إلهام عثمان:

لا عجب أن يستقبل السوريون الشهر الفضيل بشكل مختلف، كيف لا.. وقد جاء شهر البركة لهذا العام بحلته الجديدة مرتدياً ثوب النصر، حيث شهدت أجواء هذا الشهر في سوريا تغيرات محسوسة، مقارنةً بما كانت عليه، نعم الجميع تنفسوا الحرية، فما إن يأتي هذا الشهر، حتى تتلون المدن السورية بأضواء الفوانيس، وتملأ أصوات المساجد أرجاء البلاد. لكن، هل تختلف أجواء اليوم عما كانت عليه قبل التحرير، و هل عادت البسمة للوجوه التي أعياها ألم الفقدان وانتظار من نحب في المهجر لتعود لمة العائلة من جديد؟

لم الشمل

الخبيرة الاجتماعية عبير محمد، بينت أنه مع عودة المهجرين إلى سوريا، أصبح رمضان أجمل حيث تبدو أجواؤه وكأنها استقبلت نسائم جديدة من الفرح والحنين، تتغير التقاليد الرمضانية بعد التحرير لتصبح أكثر دفئاً، لتكتسب لمسة عصرية تمزج بين الأصالة والحداثة، حيث يجتمع الأهل والأقارب تحت سقف واحد بعد طول غياب، وتتداخل الذكريات الجديدة مع القديمة، و تكتظ البيوت بالأصوات الملأى بالضحك والقصص، بينما تعد الأطباق التقليدية مع لمسات من المأكولات العالمية التي جلبها العائدون من بلدان الاغتراب، وتزداد البهجة في تجهيز الفطور، حيث يجلس الجميع حول المائدة، يتبادلون الأحاديث وكأن الزمن توقف لحظات ليعانق ذاكرة الطفولة ويعيد الروح لشهرٍ لطالما كان يحمل نكهة خاصة، لتشهد كل زاوية من منازلنا ما تبوح به الدموع المخلوطة بالابتسامات مع ألم الفقدان الذي دام أربعة عشر عاماً، ما يجعل رمضان هذا العام مميزاً ويحمل طابعاً مزدوجاً بالألفة والعودة إلى الوطن.

اختلاف

قبل تحرير سوريا من النظام السابق، كانت أجواء رمضان محكومة بالخوف والقلق ومقيدة، تذكر سمر، وهي شابة من دمشق، قائلة: كنا نعيش حالة من التوتر والقلق، ولم يعد هناك متسع للفرح أو التعبير عن المشاعر، في تلك الفترة، كانت الأزرار تخنق الأصوات والابتسامات، وكانت العائلات تتجنب التجمعات خوفاً من المراقبة، وتضيف: كان كل منزل فيه شخص ترك مكانه فارغاً وحزيناً إما بسبب الاعتقال أو السفر، أما اليوم وبعودة أبي أصبح رمضان أجمل.

أما أبو أحمد وهو موظف في إحدى المؤسسات الخدمية يقول: الوضع الآن أفضل، نستطيع أن نجتمع مع عائلتنا وأصدقائنا ونشارك معاً في الإفطار.

من جهتها أضافت أم محمد قائلة: كان كل رمضان يمر عليي وأنا حزينة لأنني وحيدة دون أولادي، أما هذا العام وبعد غياب طال 10سنوات، ستكتمل عائلتي ويلتم الشمل من جديد، بعودتهم من المهجر ليصبح العيد عيدين.

أهمية الأسرة

وهنا أكدت محمد أن أجواء الشهر الكريم تساهم في تعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية، وتعزز الألفة من جديد، ومع تطور الأوضاع، يعود الناس للتمسك بالتقاليد الرمضانية أكثر فأكثر، حيث التي تضفي جواً من الألفة والمحبة بين الناس، وتضيف: إن الصعوبات التي مر بها السوريون في السنوات الماضية علمتهم أهمية وحدة الأسرة والتواصل الفعال بينهم، وأن المحبة يجب أن تكون في كل الأيام وليس في شهر رمضان فقط.

وأما ما يحمله شهر رمضان فهو غيض من فيض إذ تتجلى هذه الروح في الشوارع والأسواق، حيث تتزين المحلات بالأضواء، وأصناف الأطعمة المختلفة، وهو مشهد يفصح عن عزم الشعب السوري على تجاوز ماضيه الأليم واستعادة هويته وتكاتفه..

مشهد ثقافي متجدد

كما بينت محمد أن مظاهر احتفال السوريين تتعدد بشهر رمضان، بدءاً من تحضيرات الفطور ووصولاً إلى الخيم الرمضانية التي تعقد في العديد من المناطق، يقول أحد الباعة الجائلين في دمشق: “الأسواق تعج بالحياة، وقد زادت الحركة التجارية بشكل ملحوظ، بالرغم من الأوضاع الصعبة، وأعتقد أن الناس يشعرون بأن رمضان هو فرصة لتجديد الأمل والنظر برؤية جديدة للمستقبل، فإن هذه الأجواء تدل على قدرة الإنسان على التكيف والتفاعل بإيجابية مع تحديات الحياة، و يمكن للأمل أن يزهر حتى في الأوقات الصعبة.

وختمت محمد: إن أجواء رمضان في سوريا قد اختلفت كثيراً بين الماضي والحاضر، ومع عودة الأمل، يبدو أن السوريين ليسوا فقط في انتظار الفطور، بل في انتظار غد أفضل، إن هذا الشهر يحمل رسالة قوية للشعب السوري؛ ألا وهي أن الحياة تستمر، وأن العائلات السورية قادرة على النهوض، مجددين عزمهم على إنعاش مجتمعاتهم وإحياء تقاليدهم الغنية.

Leave a Comment
آخر الأخبار