غاباتنا تتآكل.. وما نزرعه من غراس سنوياً نصفه «يموت» والنصف الآخر تطوله الحرائق

الحرية – محمد فرحة:
سؤال كل يوم: هل حرائق غاباتنا  عن سبق الإصرار والعمد أم بالمصادفة، كأن يكون أحد الأشخاص قد أشعل ناراً بهدف التخلص من بقايا القش اليابس أو الشجيرات النباتية جوار أرضه وخرجت النار عن سيطرته، لتطول مئات الأشجار إن لم نقل الآلاف منها؟
فما نغرسه من الحراج كل عام يموت نصفه من جراء عدم سقايته والعطش والجفاف، والنصف الآخر تطوله الحرائق، وهكذا تتبدل المواقع، والحريق واحد. بدليل ونحن نكتب هذا الموضوع هناك حريق كبير في أراضي بلدة الحيدرية بمنطقة الغاب. وهل هي مصادفة فعلاً كلما نشب حريقٌ تكون الرياح قوية وشديدة كما حريق الحيدرية اليوم؟ ولا ندري غداً أين ستكون، هي حكاية كل عام منذ حقبتين من الزمن، ما يطرح العديد من التساؤلات: لماذا يحدث كل هذا، ولماذا غاباتنا تتآكل سنوياً متحالفة مع الجفاف وارتفاع حرارة الأرض؟
لا شك أن القسم الأكبر من هذه الحرائق مقصودة، ويندرج ذلك تحت يافطة العبث والجهل، دون إدراك لهذه الجريمة، نعم  جريمة.  فقتل الشجرة وحرقها له الأثر البالغ على التصحر وزحف الكثبان الرملية، وعدم امتصاص غاز ثاني أكسيد  الكربون، زد على ذلك ما تشكله الغابات من تلطيف الجو.
بدليل كل المؤتمرات العالمية المعنية في الشأن البيئي تؤكد ضرورة حفظ الغابات وعدم العبث بها والحد من النشاطات البشرية  المؤثرة في الطبيعة ومقوماتها.
وبالعودة إلى موسم الحرائق،  فقد نشب يوم أمس حريق جديد في حراج منطقة مصياف بالقرب من بلدة المحروسة غرباً،  حيث طال العديد من ألأشجار الحراجية والزيتون، فكان لدور الأهالي والمجتمع المحلي الأثر الكبير والبالغ في تطويق النار وإخمادها مع وصول المعنيين عن الحراج.
وما أصاب حراج منطقة مصياف وحراج منطقة الغاب أصاب حراج اللاذقية، ولكن بشكل أفظع وأكثر  إيلاماً، وكل ذلك يندرج تحت عنوان: تشويه الطبيعة والاعتداء عليها والنيل منها، لا لأي هدفٍ سوى تخريبها وإزالة تلك الصور الجميلة في تلك الجبال.
بالمختصر المفيد: حماية الغابات ليست مسؤولية خفراء الحراج فقط، وإنما مسؤولية الجميع.  من هنا نرى ضرورة تعويم ثقافة  الحفاظ على الغابات بكل مكوناتها الطبيعية المختلفة.
ويبقى السؤال اليوم وكل يوم: لماذا حرائق الغابات في الوقت الذي يجب الحفاظ عليها وغرس المزيد منها ومتابعة نموها لحين تصبح شجرة؟.