في غير وقته .. !

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض:

ينظر الكثير من السوريين إلى المشروعات التي تعلن عنها بعض الوزارات، أو تخطط لتنفيذها نظرة المواطن العجول الذي يريد للشيء أن يكون بين ليلة وضحاها، متمنياً في مكنونات إلحاحه أن تضع هذه الوزارات برنامجاً تنفيذياً يتضمن الحاجات الأكثر مقربة من مطالبه، والأنسب لتحسين واقعه المعيشي؛ متجاوزاً نطاق الإلحاح إلى فضاء التصريح بالقول: إن طرح الكثير من تلك الأفكار أو المشروعات “في غير وقته”؛ أو على أحسن تقدير ينبغي تأجيله عدة سنوات قادمة.
بالتأكيد البلاد تحتاج إلى الكثير؛ والكثير الكثير؛ من المشروعات الاستثمارية الناجحة وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والزراعية والتعليمية.. وغيرها، وطبعاً هذه الاستثمارات لايمكن الإتيان بها خلال أيام أو أشهر معدودة، ولذلك من باب أولى أن تفتح الحكومة ذراعيها لكل مستثمر محلي أو عربي أو أجنبي متحمس لضخ جزء من رأسماله في الأراضي السورية؛ بل تشجعه وتدعمه ليكون البذرة الأولى التي تنبت وتكبر في الحديقة الاستثمارية السورية، انطلاقاً من أهمية بث الطمأنينة في بيئة الأعمال، وتشجيع المال على نزع ثوب الجبن الذي يلازمه منذ اللحظات الأولى لاكتنازه حتى الدقائق الأخيرة قبل إنفاقه، ومن مصلحتنا جميعاً أن تكون الأرض السورية مجالاً لهذا الاستنبات المالي، وهي حقاً بيئة خصبة لاحتضانه، بل وجعله مالاً عابراً للحدود، وفي العقود السابقة أمثلة كثيرة تؤكد ما نرمي إليه.
وبالعودة إلى عبارة “في غير وقته”، هي ليست انتقاداً سلبياً للمشروعات المعلنة، بل إشارة واضحة إلى أهمية إعداد خطة أو رسم “خريطة” استثمارية تتضمن الأولويات الواجب تقديمها على أخرى أثناء منح التراخيص لتنفيذ أي مشروع استثماري من منطلق..
– أهمية هذا المشروع الاستثماري في تحسين معيشة المواطنين وانتشال أكبر عدد منهم من مستنقع الفقر الذي أصبح البيت الضيق لحياة 90% من السوريين.
– عدد فرص العمل الحقيقية التي يوفرها المشروع للشباب العاطلين عن العمل.
– حاجة المحافظة للمشروع الذي ستتم إقامته على أرضها، والأهم إمكانية توافر المواد الأولية لاستمرارية عمله وتوسعه مستقبلاً.
– تحديد وجهة النشاط الإنتاجي للمشروع؛ للاستهلاك المحلي أو للتصدير.
– تقييم رأس المال المستثمر؛ ليس من باب المصدر؛ وإنما من حيث الحجم والمشاركة والاستقطاب لمعرفة مدى قدرته للنمو والتأسيس لمشروعات أخرى تكون مكملة له انطلاقاً من أهمية نشر “العناقيد الصناعية” في البلاد.
وكل ذلك لا يتنافى وحق المواطن في المطالبة بتحسين مستواه المعيشي والاطمئنان على مستقبل أولاده في تنفيذ مشروعات استثمارية تعيد بناء بلاده، وتدفع بجميع القطاعات الإنتاجية والاستراتيجية نحو التعافي والتطور، ولكن بالتوازي مع ذلك علينا جميعاً أن نثق بقدرة مؤسسات الدولة على تحقيق هذه الأهداف، وأن نضع أيدينا بأيدي الحكومة الجديدة حرصاً منا جميعاً على تعزيز التعاون والتناغم الرسمي والشعبي من أجل إنجاح أي خطة عامة أو مشروع استثماري خاص مهما كان حجمه أو مجال عمله؛ المهم النجاح ولا شيء غير النجاح، والباقي يتكفل الوقت بحل معظم تعقيداته.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار