الزيادة الأولى  

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض:

لأول مرة في تاريخ سوريا يحصل العاملون القائمون على رأس عملهم ومعهم المتقاعدون على هذه النسبة العالية من الزيادة على رواتبهم 200%، ولأول مرة يشعرون بأنهم أسياد، لا عبيد؛ أسياد المال والإنتاج والعمل، لا عبيدَ لأصحاب المال وأرباب العمل؛ كلمات قد يراها البعض خارج المألوف أو فوق المعروف، إلا أن الحدث يفرض نفسه في استحضار المعاني للتعبير عن الفرحة الشعبية العارمة التي رافقته، ويتطلب منّا – نحن معشر الإعلام – الإضاءة على هذا الحدث الاستثنائي من جميع جوانبه قدر المستطاع، وتوضيح آثاره الإيجابية وفق منظور عام وشامل، والتنويه بأهميته في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ البلاد.
وأيضاً؛ يفرض علينا خبر زيادة الرواتب التذكير بمعاناة العمال وأسرهم خلال فترة حكم النظام البائد، وتوضيح أسباب تدني دخولهم وقسوة معيشتهم، في وقت كانت مدخلات الاقتصاد المحلي تسمح بمضاعفة الرواتب والأجور سنوياً من دون أن تؤثر تلك الزيادات المتتالية – فيما لو تمت – على إيرادات الخزينة العامة للدولة أو تخل بميزان المدفوعات أو ترفع معدل التضخم على أقل تقدير.
ومن باب لفت النظر أيضاً؛ لا المقارنة؛ نقول: شتان ما بين زيادة اليوم على الرواتب والزيادة التي كان “يمنحها” النظام البائد؛ فالعامل والمتقاعد في سوريا لأول مرة يحصل على زيادة راتب حقيقية بكل معنى الكلمة، زيادة لم تسبقها – أو ترافقها – قرارات “منتصف الليل” لرفع أسعار المازوت والبنزين والغاز والخبز وتجر وراءها أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية بحيث لا يسطع فجر اليوم التالي على زيادة رواتب كانت في أحسن الأحوال 50%؛ إلّا والغلاء يخيّم على الأسواق بنسبة 100% ، ورغم ذلك كان النظام البائد يزعم أن زيادته للرواتب – تهدف إلى تحسين مستوى معيشة العاملين وأسرهم – إذاً .. فلماذا انتشر الفقر بين عموم أبناء المجتمع ؟
وبالتوازي مع تقدير فائدة زيادة الرواتب والأجور الحالية على جودة حياة العاملين والمتقاعدين وأسرهم لابد من التأكيد على أهمية هذه الزيادة  في تنشيط الاقتصاد من عدة جوانب.
‏- تساهم الزيادة على الرواتب في توفير دخل كافٍ للعاملين لتغطية تكاليف المعيشة المتزايدة، ما يعزز جودة حياتهم.
‏- تساعد زيادة الرواتب العديد من الأسر ذات الدخل المحدود على تجاوز خط الفقر، ما يحسّن استقرارها المالي والاجتماعي.
‏- تقلل الرواتب المرتفعة كتلة المساعدات المالية التي تقدمها الحكومة للمحتاجين، ما يخفف عبء الإنفاق العام.
‏- يؤدي رفع الأجور إلى تحسين معنويات العاملين، وتحفيزهم على العمل بكفاءة أكبر وزيادة إنتاجيتهم، خاصة ذوي الرواتب المنخفضة.
‏- زيادة رواتب العاملين بالدولة تقلل حالات انتقال الموظفين إلى وظائف أخرى، خاصة لدى القطاع الخاص، ما يخفض التكاليف المرتبطة بالتوظيف والتدريب.
‏- توفر الرواتب المرتفعة سيولة مالية أكبر، ما يؤدي إلى زيادة الاستهلاك وتنشيط التجارة والصناعة، وتالياً تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
بقي التأكيد على أهمية كبح أطماع المنتجين والتجار والبائعين، ومكافحة رغباتهم في زيادة الأسعار، والعمل على ضبط تعرفة النقل وفق مستواها النافذ، إضافة إلى فرملة شهوات مقدمي الخدمات الصحية والسياحية والتعليمية في رفع بدلاتها لكي لا تفقد زيادة الرواتب والأجور منافعها، وتالياً منحها عن جدارة لقب الزيادة الحقيقية الأولى التي سترفع مستوى معيشة أسر العاملين والمتقاعدين في سوريا.

Leave a Comment
آخر الأخبار