الحرّية- هبا علي أحمد:
يُتابع المجتمع الدولي مد يد العون لسوريا الجديدة في مسار متواصل لدعم عملية النهوض والتعافي الاقتصادي، ويبرز قطاع الطاقة كأبرز القطاعات التي تأخذ حيزاً واسعاً في السياق، فبعد توقيع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية للاستثمار في الطاقة وافق البنك الدولي على منحة بقيمة 146 مليون دولار لسوريا، من أجل تمويل إعادة تأهيل شبكة الكهرباء، إلى جانب ذلك أعلن وزير الطاقة محمد البشير عن اتفاق مع كل من قطر والأردن على مجموعة من الخطوات التي من شأنها أن تسرع عملية توريد الغاز لتحسين توليد الكهرباء وبالتالي عدد ساعات التشغيل في عموم المحافظات السورية.
منحة البنك الدولي تساعد في تحسين البُنية التحتية للشبكة الكهربائية وزيادة ساعات التغذية وتقليل الاعتماد على المولدات
لكن يرى خبراء في الشأن أن هذه الخطوات الإيجابية على أهميتها وانعكاسها الإيجابي على قطاع الطاقة ليست حلاً سحرياً إن لم تترافق مع إصلاحات أعمق في القطاع.
الانعكاسات
ويُقدّم أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب الدكتور حسن حزوري تحليلاً واسعاً للانعكاسات المحتملة للخطوات المذكورة آنفاً، إذا ما نُفذت بشكل شفاف، موضحاً التحدّيات والمخاطر، مُستعرضاً في حديثه لصحيفتنا “الحرّية” الانعكاسات الإيجابية على قطاع الكهرباء على النحو التالي:
ضرورة إنشاء آلية رقابية دولية ومحلية لضمان أن تُستخدم المنحة في إصلاح الشبكة إلى جانب إعطاء أولوية للمناطق الأكثر تضرراً
– تحسين البنية التحتية للشبكة الكهربائية: المنحة ستساعد في إصلاح التلف الناتج عن الحرب، مما يقلل من الفاقد في الشبكة (الذي يصل حالياً إلى أكثر من 40% في بعض المناطق).
– زيادة ساعات التغذية الكهربائية: إذا تم توفير الغاز بشكل مستمر (من خلال الاتفاق مع قطر والأردن)، سترتفع كفاءة محطات التوليد، مما قد يزيد سعات التشغيل من 4-6 ساعات حالياً إلى 8-12 ساعة يومياً في المدن الكبرى.
النجاح يعتمد على الشفافية في صرف المنحة والتعاون الإقليمي المستمر في توريد الغاز مع إشراف فني دولي لضمان جودة الإصلاحات
– تقليل الاعتماد على المولدات الخاصة: قد ينخفض استخدام المولدات الأهلية باهظة التكلفة إذا تحسنت الكهرباء العامة، مما يخفف العبء المالي على المواطنين.
التحدّيات والمخاطر
لكن يوضح الدكتور حزوري التحدّيات والمخاطر لتلك الخطوات، لافتاً إلى الفساد وسوء التوزيع من خلال مخاوف من أن تذهب الأموال إلى مناطق نخبوية أو تُستخدم بشكل غير فعّال بسبب الفساد المزمن في قطاع الطاقة، إلى جانب عدم استقرار توريد الغاز، لأن الاتفاق مع قطر والأردن يعتمد على ظروف سياسية وهيكلية (مثل مرور الغاز عبر الأردن)، وقد يتأثر بأي تغييرات إقليمية.
تحقيق الاستفادة
يبقى الأهم كيف يُمكن الاستفادة والاستثمار في الموضوع وما الخطوات التي يترتب على الحكومة القيام بها، هنا يُشير حزوري إلى ضرورة إنشاء آلية رقابية دولية ومحلية لضمان أن تُستخدم المنحة في إصلاح الشبكة دون تحويلها لأغراض أخرى، إلى جانب إعطاء أولوية للمناطق الأكثر تضرراً مثل حلب، دمشق، حمص، حيث يعاني السكان من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، أضف إليه التنسيق مع المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة لضمان الشفافية في تنفيذ المشاريع، مع تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة حيث يُمكن تخصيص جزء من المنحة لمشاريع الطاقة الشمسية لتخفيف الضغط على الشبكة.
فرص الاستثمار المحتملة
وأشار الدكتور حزوري في السياق ذاته إلى أن الشركات الأردنية والقطرية يمكن أن تستثمر في بنية تحتية لنقل الغاز أو إنشاء محطات توليد مشتركة، إضافة إلى شركات الطاقة المتجددة خاصة في المناطق التي يصعب إصلاح شبكتها الكهربائية (مثل المناطق النائية)، كما إن القطاع الخاص السوري يٌمكن أن يشارك في صيانة الشبكة أو توزيع المعدات إذا تم رفع العقوبات جزئياً.
الخطوة إيجابية ولكنها ليست حلاً سحرياً إن لم تترافق مع إصلاحات أعمق في القطاع
بالمحصلة، إذا نُفذت هذه المنحة والاتفاقيات بكفاءة، فقد تشكل بداية لتحسن محدود في قطاع الكهرباء، وفقاً لحزوري، لكن التحديات السياسية والاقتصادية (مثل العقوبات والفساد) قد تحد من تأثيرها، لذلك فالنجاح يعتمد على الشفافية في صرف المنحة، التعاون الإقليمي المستمر في توريد الغاز، مع إشراف فني دولي لضمان جودة الإصلاحات.