كلّنا أكثرية إذا توحّدنا.. وأقلية إن تفرقنا.. أستاذة جامعية: العقل الطائفي يهدّد الوحدة الوطنية ويدمّر المجتمع

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية– فردوس دياب:

يظللنا الحزن، ويفرض على أرواحنا طوقاً محكماً من الوجع، الذي لا يكسره إلا دفقات مستعجلة من المحبة والتآخي التي تحيي القلب وتنهض بجسد الوطن المثكول.
ما أحوجنا اليوم إلى إعادة بناء جسور المحبة والوعي الوطني، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يحاول فيها فلول النظام والدول الداعمة له في الخارج، بث الفتنة الطائفية من أجل النيل من وحدتنا الوطنية، وجر البلاد إلى حالة من الفوضى والشغب وانعدام الأمن والأمان.
ولعل الفرح الغامر الذي جمعنا يوم تحريرنا من النظام الأسدي، قادر على أن يجمعنا مجدداً لمواجهة هذه التحديات والمحن، على قاعدة أننا أبناء وطن واحد، ما يصيب بعضنا، يصيب كلنا، فكلنا أكثرية عندما نتحد ونتكاتف في بوتقة الأخوة الوطنية، وكلنا أقلية عندما نفترق ونتشتت نتيجة رياح الطائفية وسمومها التي يحركها الخاسرون من سقوط الحقبة الماضية.

مفاهيم كاذبة
عن مفهوم وحقيقة “الأكثرية” و”الأقلية”، وعن ضرورة وأهمية الوعي الوطني والتكاتف والتوحد في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها، التقت صحيفة “الحرية” الدكتورة رشا شعبان الأستاذة في كلية الآداب “قسم الفلسفة” بجامعة دمشق، التي أكدت أن مفهوم “الأكثريات” و “الأقليات”، هو مفهوم كاذب ووهمي عززته دول الاستعمار، وتمت تغذيته من خلال النظام الاستبدادي لتعزيز وجوده  وتجذير بقائه واستمراره بدعم فكرة  حماية الأقليات.
وقالت شعبان: إن أكثر ما يدمر المجتمع ويهدد الوحدة الوطنية وسيادة الدولة والوطن وتعزيز اللحمة الوطنية و الاجتماعية، هو العقل المحدود في إطار ضيق أو اللغة البغيضة التي تعزز أفكار ورؤى مجتزأة، بعيداً عن انتمائها الثقافي والحضاري والوطني، والتي تقود الناس إلى مستنقع التفرقة الذي يمزق النسيج الاجتماعي تحت مقولة (أنا الحق وكل ما هو دوني باطل).

التنوع قوة وثراء
وأوضحت الدكتورة شعبان أنه لا يمكن للدولة الحديثة أن تبنى وتتطور وتتكون  إلا باستئصال العقل المحدود والمفاهيم  التي تنتمي إلى الأقلية والأكثرية، مضيفة: إن التنوع والتعدد داخل المجتمع والوطن هو دليل قوة وغنى وثراء فكري وثقافي واجتماعي وتعزيز للهوية الوطنية، لكن عندما تسود الرؤى الضيقة اللاوطنية كنهج، يصبح المجتمع ضعيفاً وهشاً وقابلاً للزوال عند أول اختبار وطني.
وذكرت شعبان أن أعداء الشعب السوري يستغلون مفاهيم الأقلية المريضة وفوبيا الأكثرية  للتدخل عبر مشروع حماية الأقليات، وتفرقة أبناء الوطن وبث الفتنة وتمزيق وحدتنا الوطنية.
وختمت الدكتورة شعبان حديثها بالقول: إن المرحلة الانتقالية التي يمر بها وطننا، حيث سهام الغدر والمؤامرات والشائعات والأكاذيب تنهال علينا من كل حدب وصوب، تستوجب منا جميعاً الإصغاء إلى صوت العقل والوعي والضمير الوطني،  لأننا بالوعي والعقل والإدراك السليم والصحيح لما يجري حولنا نستطيع تحصين الوطن وحمايته، والانتقال سريعاً إلى مرحلة النهوض والبناء.

وعي استثنائي
وتعقيباً على كلام الدكتورة شعبان فإننا نقول: إن المؤامرات كانت في زمن النظام المخلوع، مجرد كذبة وخدعة للتآمر علينا، أما اليوم، فهي حقيقة يقوم بها هو وأذنابه وداعميه، لأنها من صناعته بامتياز وعلامة مسجلة له، لذلك فإن ما يجري اليوم من محاولات متواصلة لاستهداف وحدتنا الوطنية كان أمراً متوقعاً، لأن الخاسرين من سقوط النظام البائد كثيرون جداً، سواء بالداخل أو بالخارج، ولهذا لا بد لنا كسوريين من مواجهتهم، بتكاتفنا وتلاحمنا ووعينا الوطني الذي يجب أن يكون في هذه المرحلة وعياً استثنائياً وكبيراً ينطلق من أخلاقنا ومبادئنا، ولاسيما نحن في ظلال شهر كريم تسمو في مكارم الأخلاق والنفس والروح.

ما يجمعنا كسوريين، أكثر بكثير مما يفرقنا، ما يجمعنا الأرض والتاريخ والمستقبل، لذلك لا بد أن نعي حجم الخطر الكبير الذي يتهددنا، إذا لم نقف يداً واحدة بوجه أولئك الذين يحاولون جرنا إلى حرب أهلية، بهدف تقسيمِنا وتدمير وحدتِها واستقرارها.
ونختم بما قاله الرئيس الشرع: “سوريا ستظلُ صامدة، ولن نسمحَ لأيِ قوىً خارجيةٍ أو أطرافٍ محلية، بأن تجرَّها إلى الفوضى أوِ الحــرب الأهلية، ونحنُ على العهدِ ماضون، مصممونَ على المضيِّ قدماً نحوَ المستقبلِ الذي يليقُ بشعبِنا العظيم”.

Leave a Comment
آخر الأخبار