الحرية – محمد فرحة:
انخفض بشكلٍ ملحوظ الازدحام الذي شاهدناه في الأسابيع الأولى لتسويق القمح، فإذا كان مركز «جب رملة» بحماة على سبيل المثال استقبل في الأسبوع الأول مع بدء عمليات التسويق ألفاً ومئة جرار وآلية، وإذ به اليوم يتراجع بشكل كبير وملحوظ، والسبب أن موسم هذا العام هو الأسوأ إنتاجاً ومناخاً، وشهد جفافاً غير مسبوق.
في تقرير لها نشرته صحيفة البيان الإماراتية، تشير فيه إلى أن ستة عشر مليون سوري هذا العام سيعتمدون على الأقماح المستوردة، وبغير ذلك يعني انعدام وضعف الأمن الغذائي.
وفي خضمٍّ غير مسبوق منذ عقود، ووفق تقرير الأمم المتحدة، يُهدَّد سكان سوريا، وهي التي كانت تنتج اكتفاءها الذاتي وتصدّر الفائض من القمح، ولذا تسعى الحكومة وتتابع بكل اهتمام طريق كل حبة قمح أين تذهب، وتسعى الإدارة الذاتية في الشمال السوري من جهتها إلى شراء محاصيل القمح من المزارعين في موسمٍ استثنائي لقلة الإنتاج وضعف المردود.
في لغة الأرقام والتي هي لغة الإقناع، تضرر قرابة مليونين ونصف المليون هكتار تقريباّ وخرجت من حسابات المزارعين من جراء نوبات الجفاف الشديدة والظروف المناخية غير المؤاتية إطلاقاً وغير المسبوقة، ونحن الذين كنا نزرع حوالي أربعة ملايين هكتار، جلّها بعل و٦٩٠ ألف هكتار في المساحة المروية.
وتشي تقارير منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، التابعة للأمم المتحدة بأن هذا الموسم الجاف هو الأسوأ منذ ستين عاماً التي شهدتها سوريا، حيث تضرَّرَت ٧٥% من المساحات المزروعة ، وفقاً ما أفادت به المنظمة.
كل هذه المجريات ستدفع الجهات المعنية الحكومية إلى الاعتماد بشكل متزايد على الاستيراد ونحن الذين كنا نحقق اكتفاءنا الذاتي من القمح قبل عدة عقود.
فحتى الأسبوع الماضي، كان إجمالي ما تم تسويقه واستلامه وفقاً لتصريح مدير عام مؤسسة الحبوب ٢١٢ ألفاً و٨٢٦ طناً .
في كل الأحوال هو عام مقفر شح فيه كل شيء، المياه وقلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وسخونة الأرض وتراجع الأمن المائي ووارداته، وبالتالي انخفاض مناسيب آبار المياه الشرب منها وسقاية المزروعات.
ونبقى أن نشير إلى أن الحكومة سعت إلى توفير كل مستلزمات القطاع الزراعي من أسمدة وغير ذلك وبالدَّين الآجل ومن دون فائدة، لكن الظروف المناخية لم تساعد وتبقى أمنية المزارعين بتأجيل الدين الآجل للعام القادم من دون تدوير فوائده.